
سامي عبد العال
القراءة في الثقافة العربية معناها” الجَمْع والتّتبُع “، يُقال قَرَأَ فلانٌ كذا وكذا… أي جمعَ ما يُقرأ إلى بعضهِ البعض. في عبارة واضحة: القراءة هي معرفة وتحديد الرابط الاجمالي الذي بإمكانه ضم معاني الأشياء تطلعاً للفهم. غير أنَّها بصدد الخطاب عملية معكوسة حفرياً واصلةً إلى أدق الجذور والتفاصيل. إنّها استطراق حفري للداخل حتى الأعماق القُصوى، أي تبحث عن شيءٍ ما كامن في صمت اللغة: داخل أنظمتها، أحداثها، طِباقِّها المتراكمة وكذلك في أبعادها الأكثر تأثيراً.
لا بمعنى أنَّ داخل الخطاب كماً من الأسرار البعيدة عن الإدراك، إنما كل خطاب ينطوي على سرٍ إنْ لم يكن هو ذاته السر. لأننا نحتاج إلى فك طلاسمه وكشف جوانبه لمعرفة ما ينطوي عليه وما يتكون منه. إذ ذاك يتم التعرف على ما يقول وأية معانٍ يضمرها برسالته وكيف تتشكل. إنَّ تتبع تلك الحلقات لن يتم دون تعقب لحركة المجتمع على خلفية البنية الثقافية والتنقيب داخل أنظمة الرموز والعلامات وكيف تعبر عن مكنونها.
كثيراً ما نترُك مجال الخطاب جانباً تحت وقع انفصام القول عن الفعل. هذا الشق الثقافي المجهول داخل جدران ذواتنا العربية الصماء. وبخاصة أننا ندُور- فكراً وممارسةً في الحياة العامة – مع دوران الرحى اللغوية. حيث نستطيع اكتساب الايقاع الحياتي نفسه والوصول إلى النتائج ذاتها. فنصبح في حالة أشبه بـ”عجلة مفرغة” تدور بسرعةٍ كبيرةٍ. تعطينا احساساً بالامتلاء والاكتمال بينما هي مازالت فارغة المحتوى وغير تامة البناء. اللغة بمثابة هذه العجلة الدائرة بسرعة قويةٍ، حين تتلقف وعينا وأفكارنا خلالها دونما مخرج(نحن في المجال العام ظاهرة لغوية إنْ شئنا).
إزاء هذا الموقف، لابد من اللجوء – على سبيل التوضيح – إلى النصوص المقدسة ثقافياً. لأنها بخلاف فكرة ” الإيمان والكفر” توثق آليات تفكير الجماعة التي كانت فيها ولماذا اكتسبت قداستها خلال هذه الاستدارة المعرفية. أي تبادل الأصداء التاريخية بين النص والفكر. وهنا يعد أرشيف الثقافة ضرباً من الرواسب والمحددات والمرجعيات الدلالية المضمرة التي تكشف الحقائق والأصداء التاريخية. فهو مكتوب ضمناً حتى وإنْ كانت له قداسة تند عن المقارعة. وبذلك يضم الأرشيف كتب الوحي والأقوال والممارسات والعبارات المأثورة والتفسيرات وتخريجاتها حول المتون الفاعلة لدى هذا المجتمع أو ذاك.
في مرحلةٍ ما، أشار خطاب القرآن كوثيقة ثقافية هذه المرة إلى الانفصام الفكري لجماعة المؤمنين. وهو ما يفيدنا في معرفة اللغة كأحداث خطابية مؤسِّسة للوعي بالأفعال وكيف تمارس أدوارها. وسنلاقي الانفصام اليوم في مفترقين حاليين: تسطح مستوى الخطابة( الكلام البراق) وقنص المصالح لدى جماعات الاسلام السياسي( المنافع والأيديولوجيا). “يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون” (الصف/2). وإذا كان ذلك مع المؤمنين، فكيف سيكون مع غيرهم؟! خطاب القرآن يُوصِّف ذهنية عربيةً ضمن سياق الكلام. فالمؤمنون هم العرب وغيرهم بطبيعة الحال، سوى أنَّ الثقافة العربية لها السبق في إلقاء القول جانباً وترهل الفعل متلاشياً بجانب مغاير. وهو الازدواج الذي استمر خلال التعامل مع أوامر الدين. وكم خضع خطاب القرآن نفسه إلى ما نهى عنه. وبالتالي يبدو القرآن متمسكاً بإظهار قوة المفارقة كرادع لغوي تحت سلطة له لا تؤثر. لأن المؤمنين قد يفعلون شيئاً بخلاف ما يؤمرون به، وقد حرص القرآن على إظهار هذه المواقف!!
وبهذا ينبغي اظهار الجدل التاريخي للنصوص المقدسة مع الواقع في كل الأحوال. وهي بذلك ستتضمن قوانين الثقافة المحيطة، بل ستخضع لها. لأنَّ الجدل يترك أصداء إنسانيةً عبرها بحكم نتائج الأفعال المترتبة عليها. حتى وإن كانت تلك النصوص متعالية تبعاً لمصدرها. ومن خلال اللغة لن تستطيع التعبير عن آفاق الإنسان إلاَّ بطرائق تفكيره. وبذلك بالإمكان استنطاق معاني النصوص القادرة على إظهار صياغتها وتكوينها. عندئذ لن تتحدد نقطة فاصلة بين المقدس والمدنس، الميتافيزيقي والفيزيقي. طوفان اللغة يقوم بعملية الغمر لمعاني تتولد بين اللغة وبين السياق الذي تجري فيه، هذا الإغراق النوعي لما يراه الإنسان بشكل فريدٍ وحتى مجهول.
يدل معنى الآية وراء تعبير” تقولون” على مغايرتها لتعبير “ما لا تفعلون”. كأنَّ القولَ شيء وهو كذلك، بينما الفعل شيء مناقض وهو مختلف. فيتضح أنَّه لا يُوجد تزامن بينهما من جهة المعنى. بالتالي يصح التبادل الدلالي هكذا: لم تفعلون ما لا تقولون. لأنَّ علَّة الصياغة سقوط الارتباط وتباين المقصدين جرياً على تباين توجههما. ومن ثم يلجأ خطاب القرآن إلى صيغة الاستفهام لإبراز المفارقة بين الموقفين. كأنَّ أصحاب القول ليسوا هم أصحاب الفعل. وهنا لم ولن يترك الاستفهام المتلّقي وشأنه. لكنه سيتركز تحديداً وراء المشهد حيث الخلل في الناس بموصوف إيمانهم. والإيحاء باللوم فاعل في رد الاستفهام إلى تلك النقطة بطريقة خلفيةٍ: يا من تؤمنون كيف تقولون ما لا تفعلون، هل يستقيم إيمانكم مع ذلك!! ومن ثم فالسؤال المتواصل لدى المواقف الدينية هو: كيف يستمر الوضع مع هذا الازدواج؟!
وإذا كان المضارع في الفعلين( تقولون- تفعلون) يفيد الاستمرارية، فالثقافة العربية مشحونةٌ بتتابع الانفصام الخطابي كما في السياسة والخطابات المتداولة. كانت نتيجتها تفريغ القول في حياتنا العامة من أي عمل. فعلى سبيل التأكيد، كان هناك بالمثل انفصام الشعراء ببلاغتهم عن الواقع:” ألم ترَ أنَّهم في كل وادٍ يهيمون، وأنَّهم يقولون ما لا يفعلون”(الشعراء/225، 226). يظهر هذا بارزاً إذا عرفنا أنَّ الشعر كان أبجدية خلق الأشياء مع الأساطير. وأيضاً كانت الأشعار شكلاً أولياً لكيفية التعامل مع الكائنات والطبيعة، وقد ظلت تلك السمة عالقة به ومُلِّحة في طرح أساليب شعرية ابداعية.
لهذا بقي حكام العرب وسلاطينهم وملوكهم مرتعبين من الأشعار بحكم دورها التاريخي. فكان رد الفعل( لا الفعل بطبيعة الحال) فتح قصورهم كحظائر لخصيان اللغة؛ أي لهؤلاء الشعراء المدجنين الذين يلهجون بعبارات المديح والفخر والحماسة والتزلف وإراقة ماء الوجه. وكم جاء وصفهم بالفحول، فحول الشعراء الذين يستعملون فحول الألفاظ. بينما وضعهم الثقافي يشي بإبطال مفعول اللغة واقعياً. وبلمسة تعويضية جاء في وصف أجمل التعبيرات كما يقول ابن سيرين: ” ما كان لفظه فحلاً ومعناه بكراً”، لكن الواقع شيء منافٍ لهذا تماماً. لقد كان الاختباء في الاستعارات والجناس والسجع حيلة للهروب من الخِصاء السلطوي الرمزي.
علاوة على ذلك وُجدَ في أرشيف الثقافة انفصامُ القول السياسي عن الحال الاجتماعي. وكان هذا النوع عميقَ الأثر في الذاكرة العربية. فالسياسة لا ترضى بديلاً عن خطاب الأمر، عن طريق تصريف الأشياء بما يخدم مصالح الأنظمة الحاكمة. وبخاصة أن رموزها تحتل مركز اللغة التي يُتَحدث بها في المجالات العامة. ترتب على ذلك ازدواجية الخطاب بين المعلَّن والخفي بحسب انفصام الكلام عن الفعل. وسلطة الحاكم العربي نفسه هي من بثت تلك الازدواجية في اللغة. ونتيجة الممارسات المزدوجة جعلتها في حالة تضخم دون قيمةٍ لها في الحياة. فبعض التضخم الاقتصادي أنْ تغرق أيدي الناس بأرقام النقود بلا قيمة تقابلها من إنتاجٍ ولا عملٍ، وهو دليل على فراغ الأرقام من مؤشراتها. وعلى المنوال نفسه أفرز تضخُم الخطاب بهذا المدلول تضخُماً في القيم وعبارات الترحيب والكلمات الوثيرة بينما يضمر قائلُّها تزلفاً وعداءً لا ينفدان.
ليس ذلك الانفصام على مستوى القاعدة الاجتماعية، بل قلّما ينجو منه حاكم عربي واحد. فالأقوال السياسية تمثل مسحوقاً لمحو أي أثر للفعل، حتى أنها تسعى لطمس التوقُع بوجوده. يحدث هذا مع إنبات أجنحة لكلام الخطاب طيراناً دون هبوط وتحليقاً بلا توقف. فلكم همَّ حاكمٌ سياسي ليميّع أي التزام قد يربطه بشعبه بمجرد إلقاء الخطاب. لقد ارتبط الخطاب في التاريخ السياسي العربي بهذه المعاني التي لا تدل على شيء، وبهذه الوعود المقطوعة دون ضمان. حتى اُشيع القول التاريخي الدارج إذا أراد حاكم عربي أنْ يكذب على الناس نهض لإلقاء خطاب أو لإصدار بيانٍ. فالكلام عادةً مهُول اللفظ بينما يتأرجح الواقع مع المجهول. أكثر الأسرار علناً في حياة العرب كلام الخطاب مُنعدِم الحقيقة، هو سر معلَّن. لأننا نتعامل معه تلقائياً بوصفه شيئاً مسلّماً به. لم يناقشه المجتمع على نطاقٍ واسع، ولم يعترض عليه الأفراد إنما ضُمَّ إلى معتقداتنا اليومية. فأصبح الواقع خُرافةً، لأنَّه واقع اللغة الكذوبة لا حال الواقع الفعلي.
هكذا آية أخرى تنبث في أرشيف الثقافة:” كبُرَ مقتاً عند الله أنْ تقولوا ما لا تفعلون”(الصف/3). كان بإمكان الآية القول كبُرَ مقتاً من غير الاسناد الميتافيزيقي(عند الله). وسيغدو الانفصام ممجوجاً بوضوح على الصعيد السلوكي. إلاّ أنها رجعت به إلى مطلق الوجود في الذهنية العربية، إلى الله. ذلك على أساس ضرورة تحمُل مسؤولية القول دون فعلٍ. فهذا إنْ حدث يضيع المسؤولية ويدفع إلى فقدان اللغة لأهميتها التاريخية. حينما قال الله عن نفسه أمراً جللاً أكد: “وإذا قَضَى أمراً فإنما يقول له كن فيكون”(البقرة/ 117).
لم يخبر الله عن ملكوته على إطلاقه، إنما أظهر اللغةً كخالقةٍ للفعل ليس أكثر. لغة القضاء المبرم والمشروط بإرادته المفارقة. فالعظمة إذن ليست في القول مقدساً أم غيره، بل في عملية ترجمة الأقوال إلى أفعالٍ. وبخاصة أن مسؤولية ميلاد اللغة واحدة لدى الفعل الإلهي وعند الفعل الإنساني. لهذا قرن الله مقتاً واقعاً على مزدوجي اللفظ والعمل: بأنَّه مقتٌ عنده وحده، اختص به نفسه نظراً لخصوصية العلاقة بين الخطاب والرسالة. وكم كانت المحاذير من تفكك هذه العلاقة واردة. وفي هذا سأذكر بعض نماذج الخطاب مع هذه العلاقة وكيف تلتئم ويتم معالجتها. وهي خطابات تحول القداسة إلى موضوع إنساني مؤرشف بواسطة حركة اللغة.. لكن كيف يتم ذلك باختلاف الخطابات؟
الخطاب الاجتماعي:
تظهر مشكلة هذا الخطاب مع تحولات العلاقة بين الألفاظ والمعاني، نتيجة أن ضياع الرسالة من الكلمات والتلقي معناه تكريس حالة الأنوميanomy كما أسماها إميل دوركايم. أي فوضى اللا معايير non- norms وتفسُّخ منظومة القيم من جراء تناقض الأهداف وعدم إمكانية بلوغها. الأمر الذي يسبب اغتراباً عن الواقع أثناء التواصل مع الآخرين. إنّ المجتمع خطاب ورسالة تمشياً مع نظام اللغة، والسر كل السر في هذا الارتباط بين المعنى والحقائق المشار إليها. واللعنة الاجتماعية (المقت الدنيوي) ستُلاحق من يتلاعب بالخطاب في المجال العام. مع أنَّ هناك دوماً من يتلاعب بالكلمات ولن يكف عن ذلك. وإيراد الآية السالفة لفعل القول بصيغة الجمع” أنْ تقولوا مالا تفعلون” يفيد وضعاً جمعياً لاحقاً بمنطوق الناس. فالترقب الإلهي بمقتضى “عند الله” يدل على أحد أسرار المجتمع العربي من جهة التباين الجمعي للأقوال وانفصالها عن الأحوال. لهذا يمثل الخطاب الاجتماعي شفرات الوضع الاجتماعي تراكماً وإنتاجاً لعلاقاته.
لا يخلو مجتمعٌ من خطابٍ اجتماعي يبرر وجوده وتفاعلاته. أمَّا الأكثر إدهاشاً أنَّه يعطي الناس خيالاً بديلاً حينما يعجز الواقعُ عن الإيفاء بمتطلباتهم. إنَّ عبارات وسرديات تاريخية، سواء أكانت مآثر لرجال أو جارية على ألسنة أبطال، تهدهد مصيراً اجتماعياً مشتركاً أكثر مما تؤجج نوازع التناحر. ليست القضية في خطابٍ يمتحُ من تراثه الاجتماعي الممتد، لكن لماذا يملأ الخطاب ثغرات الواقع، لماذا يعيش فيه الأفراد أحياناً مع كامل حياتهم؟ لا ريب أنَّ مفردات خطابٍ كهذا تنزل منهم منزلة المجتمع ذاته. ولهذا تستقبل المفردات خبراتَّهم وتأويلاتهم للحياة والكون. لأنّ الخطاب هو ذاكرة جمعية قيد اللغة وحضورها الفاعل.
لربما يُقال إنَّ الامثال الشعبية عبارات حملت عصارة تجربة الحياة. غير أنها فوق ذلك تتحين نتائج التاريخ، تفتح اللاوعي على احتمالات ألاَّ يوجد الإنسان دون تجارب ماضيهِ. فمع أنها تجارب لم يعشها هو بالطبع لكنها تسكن اللغة على نطاق عام وتعيد توجيه ذاكرته نحو ما ينساه. وعلى افتراض أنَّ هذا الإنسان ينسى فلن ينسى المجتمع. لأنَّ كلاماً كتلك العبارات يُنطق جمعاً لا فرداً. وبالرغم من طرح الأمثال تبعاً للمواقف الاجتماعية إلاَّ أنَّ التعبير ينفلت نحو تكرار المعنى الكلي. فيبدو كأنَّه يضع المجتمعَ أمام تاريخه المتناقض.
إذن الخطاب الاجتماعي له سلطة المجتمع. ويدور مع حقائقه الإنسانية دورات بلاغية داخل معجم الحياة مع نزوله إلى الممارسة الثقافية. من ثم ما لم نمتلك القدرة على حل خيوط هذا الخطاب بواسطة فهم المجتمع لن نفهم تشابك معالمه وقوانين توصيله للمعنى. فالخطاب يبلغ من التعقيد درجة تمكنه من صناعة قوانينه الخاصة. وذلك يشكل الخطر الذي يعين المقدسات عن طريق تنويع دلالة المركزية وبذر الاختلاف على نطاق واسع.
وليس صحيحاً تصنيف الخطابات داخل قوالب جاهزة مع تجاهل حواشيها الاجتماعية. فلو تمَّ ذلك لن تقبل اللغةُ ارتياد المواقع الثقافية التي نرصدها للمعاني. فلكل مجتمع، بل لكل طائفة وبالقطع لكل جماعة، دلالات لكلماتها على معانٍ لا تُعطى لها من أول وهلة. ربما يعترض قارئ قائلاً: إنّ الأفراد العاديين يفهمون الكلمات تلقائياً. هذا صحيح وغير صحيح معاً. صحيحٌ لأنَّ الكلمات لها جانبها الاجتماعي التواصلي. وكما يؤكد هابرماس أنَّه الجانب الأكثر إجراءً. ويتجلى من حينه في عبارات الحوار العملي practical dialogue. هو كذلك حيث تُطرح الكلمات بمقدار إيقاعها السريع أثناء العلاقة بين الأفراد. مع هذا كله فالاعتراض السابق غير صحيحٍ بالمثل. إذ لا تتمكن الكلمات ذاتها من نقل كامل المعاني. إنها مشبعة بتاريخ حي من الحركة والالتفاف والمقصود وغير المقصود والمأمول والمحْبَط لأن كل هذا في حياتنا الاجتماعية. وحالما يتم فهمها من جانب يغيب الجانب الآخر.
الخطاب السياسي:
يختزن هذا الخطاب معاني أبعد من أهداف الأفراد. عادة حين يعبر الفرد تسقط الكلمات تحت قامته كحال ظلاله القريبة. وقد تكتفي الكلمات بالأغراض النوعية في عمله وحياته وعلاقاته الاجتماعية. لكن ماذا يجب أن يتوافر للكلمة حتى تكون مؤثرةً كلياً؟ السياسية ليست سلوكاً ولا فعلاً اعتيادياً. ولا بمعنى ساس يسوس كما هو مشهور بالمعاجم العربية. إنها إدارة ما لا ينتمي للفرد، وهذا اللا منتمي عصي على الاحتواء والتقديس. وإلا فإنه لو أصبح منتمياً لشخص أو لسلطة ما، لغدا موضوعاً للقهر. فالإنسان يصل إليه بكافة طاقاته، بمزيجها معاً، يبلغه الخيال المنفلت من قبضته قبل أي شيء.
السياسية في هذا قرينة الانفلات على صعيد الكلام والمعنى. لأننا نتلقى الكلمات لا بملكة الفهم، إنما بأنف التوجس والريبة. هل نحاول تغيير مراكز التلقي العادي حتى نرى ما سينتج؟ بالفعل لأن الخطاب السياسي يدعونا إلى استقبال كلماته بمزيج من الحواس كما صيغ هو بمزيجها المتناقض. فهو يدخل إلى وعينا ولا وعينا معاً، إلى عواطفنا وحواسنا، إلى رؤيتنا وذاكرتنا معاً. ولئن كنا نقف على قدمين ثابتتين، سرعان يطرحنا أرضاً واقفين على شعورناً. على كل أعصابنا إذ تصلنا العبارات بأعصاب المجتمع آخذين منه ومتربصين تجاهه.
بهذا تتماثل السياسة مع عمل نظام اللغة كذلك. فالاثنتان تشبعان خيالاً جمُوحاً. بالتالي يترك هذا الارتباط بينهما أثره التحويلي على الخطاب السياسي. وإذا كانت اللغة قوة من جهة التعبير، لأنها تسمح بسريان الطاقات الإنسانية وتشكيلها في الواقع، فإنَّ معاني الخطاب السياسي تلعب على هذا الوتر الحساس. كانت السياسة ومازالت تستعمل الخطاب كأداة لإنجاز دهائها حتى في أشد مراحلها وضوحاً. اللغة بالنسبة إليها ليست مهمة فقط، بل تعطيها مناورات دلالية لتحقيق استراتيجياتها. كما أن اللغة بمثابة الفضاء الذي تنكشف خلاله الأشياء، فتبدو موجودة كما لو كانت لم تُوجد من قبل. إنها مجال الأليثيا aletheia، أو اللاتحجب عند هيدجر.
فلو لم يستطع الخطاب السياسي تسريب المعاني غير المقُولة بشكلٍ مباشر ما كان ليهيمن على العقل الجمعي. فالخطاب يملأ فضاءً يتوزع فيه الأفراد. أليست كلمات مثل “المواطن”، “الحرية”، “الديمقراطية”، “العدالة”، ” المساواة ” تفتح آفاق الخيال. كلمات هذا الخطاب المسيّس تقطع دون عنف، تقتل دونما موت. إنه بالتالي خطاب الرغبة في امتلاك الآخر.
بناء على ذلك يحتفظ الخطاب السياسي بأسرار التفكير الجمعي. كيف يُدار وكيف يُؤلف صراعاً من أجل الاستحواذ على الواقع. ولماذا يُرسِب وجودَّه الخاص بخلاف المتعارف عليه. ليس للخطاب السياسي توصيف لغوي أكثر من “الحرب والحيلة والمكيدة”. فيمكنه تحريك الجموع بها. ويمكنه اشباعهم كلاماً في كلام، وبإمكانه حل المشكلات بذات الطريقة. فالخطاب السياسي يحدوه حلم قديم قدم الإنسان الأول، حلم “خلق” الأشياء بعباراته، وهو تلك اللغة الأسطورية التي تحدثنا عنها.
الخطاب الصوفي:
هو تجربة نطق المقدس داخل وجود الذات المحدود(أي المطلق والنسبي). أي محاولة ذاتية لالتئام (القول مع الفعل) على ذات المستوى من الإيمان. وما قِيلّت العبارةُ في مجال التصوف إلا لتأويل السر، هذه الأنفاس الإنسانية – باصطلاح الصوفية- مع المطلق. ويوجد السر حيث انفتاح الروح على اللامتناهي. فالسؤال البارز: كيف يعبر المتصوف عن أحواله وغيباته مع كونه إنساناً؟ إما أنَّه لا يجد مخرجاً غيرَ اللغة، فيبثها فيوضاته و لوعاته مع الأسرار. وإما أنه يعبر عما يحمل، فتغدو عباراته طلسماً بحكم كونه يكابد بكيانه كله لا بحاسةٍ ولا بملكةٍ مفردة.
فيصبح التعبير لدي المتصوف باللا تعبير. والمعنى باللا معنى. والحقيقة باللا حقيقة. أي محاولة التعبير كما نعرف باللا تعبير كما يعْرف. وبالمعنى كما ندرك باللا معنى كما يكابد. وبالحقيقة كما نظن باللا حقيقة كما يتيقن. إذ ذاك يبدو اللغز الأكبر: كيف يجعل المتصوف كلماته كلاماً غير عادي شريطة الالتزام بوجود اللغة؟ أي كيف يعبر باللغة عما تعجز عنه هذه اللغة ذاتها؟ إذن لا مفر من تحويل اللغة إلى رموزٍ وعلاماتٍ وشفرات.. ذلك برغم أنَّ كلمات التصوف بمفردها كلماتٌ قد تكون مفهومةً.
نحن نعرف أنَّ التعبير باللغة يخضع عادة للتفكير أو الحس أو الخيال أو الشعور، لكن ماذا لو كان الشخص المُعبِر يتكلم بجميع تلك الطاقات في نفْس واحد، في لحظة واحدة وفي استغراق كامل بلا تمييز. أكيد تاريخية اللغة لن تقوى على ممارسة هذا التعبير الخاص. لأنَّه أين سيعثر المتصوف على عبارات في قواميس اللغة كي ينقل ذلك الكيان اللا كيان؟ بأية وسيلة سيدمج المنفصل وسيفصل المتصل؟ إنَّ لحظات اتصال المتصوف بالأسرار- على ما يظن- هي لحظات مطلقة، حيث يقْصُر الكون ذاته عن احتوائها وعن الاحساس بها. هي لحظات كل الزمن وخارج الزمن، أي كل الكل وفوق الكل.
هكذا لا يكتب المتصوف وإن حَبّرَ آلاف الصفحات كما فعل ابن عربي. ولا يجرب موتاً وإن صُلِّب وقُطع أشلاءً كما حدث مع الحلاج. لأن الموت بألف ولام التعريف يعيش فيه مع اللغة التي هي وجوده، ومع التجربة التي هي سره. حياته وكلماته ميتات متواصلة لا تنقطع، كيف يموت من هو ميت؟ كيف يحيى من هو في مطلق حياته؟ فهل نتخيل أن هناك سراً وراء السر الصوفي بالنسبة لصاحب الفتوحات الإلهية؟
إنَّ لغة المتصوف لهي الأسرار ذاتها. لأنَّ الميزة الأساسية في اللغة بوصفها خالقة توجد في أبجدية التجارب الصوفية كما في الدين إجمالاً. أي انعدام الفاصلة بين الكاف والنون كما يتراءيان لكيانها. إذن الخطاب الصوفي هو “قيامة اللغة” في الحياة الدنيا بعبارات دينية. فاللغة كما نعرفها وكما نتوسل بها أصبحت هي الصاعقة، هي الصاخة حيث الانفتاح على مشاهدة المجهول.
إنَّ التعبير الصوفي ليس سوى جسد التجربة الصوفية ذاتها. حيث لا مسافة، لا حركة، لا مباعدة من غير اقتناص المستحيل( تجربة الوجود المطلق). لهذا لا يكتب المتصوف مثلما قلنا إنما ينكتب دون بداية ولا نهاية. إنَّه القلم والحرف والخط والكراس والمِداد، إنَّه اللفظ والمعنى، الوجود والموجود. أقرب دلالة على ذلك: أنَّ القلب هو العين هو الجسد مثلما أن العاشق هو المعشوق. ومن ثم ليست المسألة في الخطاب الصوفي حلولاً ولا اتحاداً، إنما هي جوهر الخلق اللغوي. تلك الحالة التي تفوق الوصف مهما تكن أدواته وعباراته. ويتحول السر إلى جوهر اللغة. لأنَّ التطور الخالق بمصطلح برجسون تمثَّل في المخلوق، والطبيعة الطابعة هي الطبيعة المطبوعة بعبارة سبينوزا. المتصوف أثناء مراحل تجربته لا يتقادم في الزمن، ولا في الوجود، لكنه يبقى دوماً قيد الماهية. إذ لا يعرف كنهها على الرغم من أنها هو. الخطاب الصوفي يعبر عن تلك الماهية بكل تجلياتها. والسر هو الشيء غير القابل للترجمة فما بالنا بفحواه.
******************
سلطة الخطاب: لماذا لاهوت اللغة؟
7 أيام مضت دراسات وأبحاث, عامة, مفاهيم 0

سامي عبد العال سامي عبد العال لا تسود الخطابات( شكلاً واسلوباً ومرجعيةً ) بصور متشابهةٍ إلاَّ في ثقافة التقليد. تلك الثقافة التي نتعثر في منزلقاتها بحكم أنَّها تحدد جوهر الأفكار المتداولة. ولا سيما أنَّ تاريخنا الثقافي العربي يمثل عصوراً من السلفيات وأقنعتها التي تُسلّم إحداها إلى الأخرى بالتتابع، حيث
الخطاب وإنتاج المعنى: مشكلة فلسفية
5 أيام مضت مساهمات, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال من حينٍ إلى آخر، تتصايح حناجر البعض بضرورة تجديد الخطاب الديني، ويرى آخرون أهمية تجديد خطاب التنوير، بينما يؤكد سواهم على مراجعة خطاب الفكر، حتى غدت الأصوات بضائع راكدةً على أسنة المنابر والمنصات العامة. كأننا في ورشة لغوية ضخمة بحجم الحياة تجاه الثقافة …
لماذا يغيب التسامح؟!(2)
أسبوعين مضت دراسات وأبحاث, عامة, مفاهيم 0

سامي عبد العال تاريخياً، لم يكُن التسامح خالصاً للإنسان بما هو كذلك، لأنَّ السياسة تعتبره أحد وجوه الهيمنة الناعمة على المجتمعات. حيث لم تتراجع الأنظمة الحاكمة عن هذه المنحى طويل الأمد، ولو كان الأمر بإشاعة ثقافةٍ تلتقي مع أهداف سلطتها بطرق مراوغةٍ. في كلماتٍ واضحةٍ: سيكون التسامح محدَّداً بما …
لماذا يغيب التسامح؟!(1)
3 أيام مضت دراسات وأبحاث, متابعات, مفاهيم 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ” عندما تريد الثقافة العربية التّحلُل من وجود الآخر، تحيله إلى مجرد تابعٍ اخلاقي…” ” المفارقة أننا نتحدث عن تسامح بلا تنويرٍ مما يجعله مهدداً بالإكراه والصراعات …” ” يجب أنْ يكون التسامحُ فعلاً إنسانياً حُراً من أجل الإنسان لا غير …
وَجْهُ العالمِ خلْف كمامات
3 أبريل 2020 دراسات وأبحاث, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال الكمامة هي العنوان الطارئ للتعبير عن الوقاية، أي صد العدوى والخطر، وإشارة إلى الخوف منهما. لكنها أيضاً قد تكون عنواناً لما يحدد العلاقة بكلِّ ما هو قادم. اعلانٌ عن حالةٍ ليس مقصوداً بها أيَّ شخصٍ بذاته ولو كان مريضاً. لأنَّها تُمثل موقفاً مفرَّغَاً من
السياسة أفيون الشعوب
15 سبتمبر 2020 عامة, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال هناك علاقة كيفية- لا نفتقدها من حين لآخر- بين المواد المخدرة والسياسة، فالاثنتان مرتبطتان بزيادة الأوهام اللذيذة وتناسلها، والاثنتان تجعلان تفاصيل الحياة سحاباً كالدخان دون رؤية حقيقيةٍ، وكلتاهما تذيبان الزمن ونقاطه الفاصلة كما تذيب الأخيلة جبالاً من الثلج حيث لا شيء ثابت. والأخطر …أكمل القراءة »
حدائقُ الجُنونِ .. هكذا يزرع الشعراء
3 سبتمبر 2020 أخرى, عامة, نصوص 0

سامي عبد العال سامي عبد العال يهجس الشعرُ- فيما يقول – برؤى العالم والحياة، لا ينفصل عن أكوانِّه القصوى، بل يلبي نداء لغةٍ ذات أطياف وتجليات كلية. حيث يفيضُ ثراؤُها الدلالي بوجُوه الإنسان وأسراره وأغوار أخيلته. فالشعر ذو طابع إنساني جمالي بالمقام الأول، ولا يقر له قرارٌ دون أنْ …أكمل القراءة »
التّطبِيع المُريب .. بعضُ الغباءِ يَقتُل!!
24 أغسطس 2020 عامة, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ” ملء الفراغ بأي حدث هَائمٍ غدا أحد وظائف السياسة في غياب الواقع..” ” الغباء السياسي جريمةٌ وسط ضياعِ الحُقوق بالفعل..” ” إسرائيل هي اسرائيل، لكن ماذا عن العرب …؟ “، عبارة– بإقرارها واستفهامها- تنطبق على الجانبين من مرحلةٍ إلى أخرى، بدءاً بالوجود الاسرائيلي …أكمل القراءة »
المرتزقة .. رقيق الحروب
11 أغسطس 2020 مفاهيم, مقالات, نصوص 0

سامي عبد العال سامي عبد العال سياسات المرتزقة ظاهرة ما بعد حداثية بامتياز رغم جذورها القديمة، لقد أخذت طابع العالم الراهن. كلُّ شيء مُسطَّح بلا أعماقٍ ولامِع لدرجة التيه، واقعاً بذلك على مرمى اقتلاع الجذور ونزع الهويات وتعويم الأدمغة وتجريد الإنسان من أية ثوابت إلاَّ بقايا الحياة المعلقة في …أكمل القراءة »
الأثرُ الجمالي والفن
3 أغسطس 2020 تغطية, متابعات, مجلات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ” ليست اللوحات الفنية جغرافيا للألوان، بل وطنٌ للجمال والحياة….” الأثر، الجمال، الدلالة في الأعمال الفنية المُبدعة هناك أثر جمالي ما. ليس هو الخطوط، وليس هو الألوان، ولا يعدُّ مظهراً للعلاقة بين مفردات اللوحة، وربما لا يمثل بنية صورية تحط على معالم الرسم. …أكمل القراءة »
الأنا واللغـة: مقدمةٌ فلسفيةٌ لنبذ الوهم
28 يوليو 2020 دراسات وأبحاث, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ” الأوهام وسائد وثيرة تأخذ عقولَّنا إلى نوم عميقٍ” ” حتى لو كُّنا نحن زارعيها، ليست اللغة إلاَّ أرضاً تنبت الغرائب حدَّ الإدهاش “ في عبارته النافذةِ فلسفياً، يقول أوسكار وايلد:” الأنا هو مَوضِّع لأوصافِ الآخر واختلافاته، وكذلك هو لوحةٌ لنقراتِ أفكاره، حتى …أكمل القراءة »
الفيرُوس، المجتمع، الإله
30 يونيو 2020 مجلات, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال فكرةٌ حمقاءٌ هي الربط بين أقصى المفاهيم وأدناها دون مبررٍ، كمَنْ يحاول ربطَ السماء والأرض برباط واهٍ، ليدرك اخفاقه في طي المسافات وقد لا يبلغ الطرفين أصلاً. لكن يصبح الأمرُ وجيهاً إذا جاء(الادنى والأقصى) بخلفية مشتركةٍ. بالأدق عندما تُوجد دلالة تمسكُ طرفي المفاهيم، …أكمل القراءة »
الأسئلة المَلْعُونّة في الثقافة العربية
21 يونيو 2020 عامة, مفاهيم, نصوص 0

سامي عبد العال سامي عبد العال تبدو المجتمعات عاريةً كأشجارِ الخريف، عندما تفتقد الأسئلةَ الضرورية لحياتها. الحياة بدون أسئلةٍ مجرد أوقات تصادفُ أخرى بلا آفاقٍ للمستقبل. من هنا كان السؤال خارج التوقُّع، كما لا يُطرح في الغالب إلاَّ بمهامٍ أكثر جذرية. إنَّه يصوِّب سهامه المارقة نحو الحقائق الإنسانية التي لا …أكمل القراءة »
الخُروج إلى البحر
15 يونيو 2020 مجلات, مقالات, نصوص 0

سامي عبد العال سامي عبد العال البحر معنى، فكرة، حقيقة، كذلك خيال وأوهام، هو الكائن واللاكائن، الحياة والموت… إنه يشكِّل رقعة أحلامنا وهواجسنا.. هذا التناقض هو مجمل صورته. لماذا لا يكون موضُوعاً فلسفياً؟! كيف نقرأ دلالات البحر ( في اللاهوت والفكر والسياسة) بحيث يكون لدينا تاريخ فكري للماء؟ إذ …أكمل القراءة »
فلسفياً: لماذا نكره الإرهاب؟!
12 يونيو 2020 مجلات, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ليس هذا السؤال ساذجاً رغم أنَّه مألُوف الطرح، وفيما يبدو لن تكون إجابتُه بسيطةً. صحيح أنَّ الكراهية جزءٌ من نسيج الحياة الإنسانية، وأنَّها جانب مُراوِغ يتم تبريره على مستوياتٍ عدةٍ، ولكنها لا تُعْطّىَ مجاناً على نحو فلسفي، فهي ليست واضحة المعنى. إذن يتجدد …
اللغة .. كيف نفكر؟!(2)
8 يونيو 2020 مفاهيم, مقالات, مواعيد 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ” أنّا مَسْؤولٌّ عَمَا أَقُوْله لكُّمْ…، ولَكْنَنِي لسْتُ مَسْؤُولاً عَمّا تَسْمَعُونّهُ مِنْي…” أحياناً قد نمسكُ الكلمات بين أناملنا ونقلبها ذات اليمين وذات الشمال، ولكن سرعان ما نكتشف – بطريقة سورة الكهف- أنَّ كلْبَنا هو الفكر الذي يبطّنها من الداخل، “.. وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوَصِيدِ..”… …أكمل القراءة »
أسطورة ترامب ملكاً: هجرة التاريخ
3 يونيو 2020 متابعات, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال لا نحتاج عناءً كبيراً لتخيُل أنَّ دونالد ترامب يماثل أوديباً في مسرحية الكاتب اليوناني سوفوكليس(أوديب ملكاًOedipus the King )، حيث الأسطورة القائلة بنبوءة الابن الذي سيقتل أباه الملك ويتزوج أمه. السؤال إذن: من(الأب) بالنسبة لترامب ومن(الأم) وكيف سيحدث ذلك؟! أحياناً تكرر السياسة الأساطير …أكمل القراءة »
اللغة … كيف نفكر؟!
1 يونيو 2020 مفاهيم, مقالات, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال في أفعال الكلام والخطاب، تبدو اللغةُ دوماً كفرشاةٍ ترسمُ لوحةَ الفكرِ وتعيد تأسيسه بعدما كان دون معالم، هي تقف عند الجذور منه لا مجرد وعاء فارغ له. المُباعدة أو المُبارحة بين اللغة والفكر أمران غير واردين بالمرة، لدرجة أنَّه إذ نعبرُ تعبيراً ما في …أكمل القراءة »
المثقفُ منبوذاً
26 مايو 2020 مفاهيم, مقالات, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال حجمُ الإهانةِ داخل أيِّة ثقافةِ متعثرةٍ لا يتم باجترار كهوفها المظلمة ومواضِع التخلف فيها، إنما بإفشال إمكانية نقد وغربلة الأسس القائمة عليها، والحيلولة دون فهمِ الأحداث والقضايا فهماً حقيقياً. والإهانةُ ليست أخلاقيةً هنا، لكنها معرفية، لأن الأخلاقيات لدينا تنفذُ إلى كافة المستويات وتتشكل …أكمل القراءة »
الدينُ بِلاَ رجال دين
21 مايو 2020 جرائد, عامة, مفاهيم 0

سامي عبد العال سامي عبد العال لم يَكُّن التاريخُ ليقْصُد تعطيل المُراقبة الدينية على المؤمنين مثلما يفْعل حالياً بسبب الأوبئة، لأنَّ تاريخ المعتقدات قد كُتِبَ بطريقة المُراقبة تدخُلاً فيما لا يجب. الفقهاء والقساوسة والحاخامات والشُراح جميعهم نهضوا بفرْز الأنفاس والحركات والسكنات والأعمال الخاصة باتباع الأديان وتصنيفها. أيُّها أقرب للالتزام به …أكمل القراءة »
الفكر: قَرْعُ طبولِ الأسئلةِ(2)
18 مايو 2020 مفاهيم, مقالات, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال على مستوى الفلسفة، لا يأتي تكوين التساؤل الكلي في ثقافةٍ ما(كأسئلة الماهية– المعنى– الحقيقة- الإنسان) جُزافاً، فتشكيله يتعيّن كمعطى وجودي أصيلٍ للعصر الذي تعيشه. حتى أنَّ تَمَيُز التكوين يتمُ تبعاً لبناء الرؤى الفلسفية خلال هذا العصر( حيث يجمعنا كونياً بالآخرين). قد نسميه الحضارة …أكمل القراءة »
الفِكْر: قَرْعُ طُبولِ الأسئلةِ (1)
13 مايو 2020 مفاهيم, مقالات, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ” ما قدْ تراه هنالك، ليس إلاَّ أصدافاً على شاطئ بحرٍ لا حدود له….” ” دوماً الأسئلة لا تهدأ … ولن تتوقف عن اثارة المجهول … “ رُبَّ سؤالٍ يزعجُ معرفتنا الغارقةَ في سُباتِّها حتى الإيقاظ. عندئذ لن يكون النوم حالماً، إنما أرق …أكمل القراءة »
قصة الـ “ما بعد” The post
7 مايو 2020 دراسات وأبحاث, عامة, مفاهيم 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ليس هناك أبرز من تَعلُّق الإنسان بالجديدِ، دفعاً لوطأة المألوف أحياناً وكنوعٍ من احراز التّميُز في أحايين سواها. لكنَ لأنَّ الجديد قد يُمثلّ المفاهيم المنقُولة إلينا( عبر النصوص الكبرى لفلاسفة الغرب)، فإنّه يضعنا تحت طائلةِ الاستفهام. حيث أمسينا نفكر داخل لغةٍ لم تُنحت مصطلحاتُّها …أكمل القراءة »
عُنف الخيالِ الديني
3 مايو 2020 أخرى, مساهمات, مفاهيم 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ليس العنف باسم الدين مجردَ فعل طارئ، لكنه عمل مُركَّب يحتاج خيالاً يَفوقُه تهوراً وجُموحاً. إنَّه عمليات من الشحن الأيديولوجي والتهيئة والتفنُن بتوقُّع الأثر وفوضى المَشاهِد ورسم المجال وانجاز الأفعال وانتظار النتائج وافراغ الكراهية إلى أقصى مدى. الخيال الديني imagination religiousهو الآتون الواسع الذي …أكمل القراءة »
صناعةُ الرَّعاع: جسد الثقافة العاري(3)
29 أبريل 2020 مفاهيم, مقالات, نصوص 0

سامي عبد العال سامي عبد العال بطريقةٍ جذريةٍ تماماً، كان حالُ” الرَّعَاع” نتاجاً ثقافياً خلْف سلطةِ الجماعة الغالبة في المجتمعات العربية(جماعة الدين والطائفة وأهل الحل والعقد ثم النُخب والأحزاب ورجال الدولة والمثقفون)، فهذا التكوين العام المشوَّه لم يكن لصالح المجتمع وتنوع عناصره في تاريخنا الحديث والمعاصر، من حيث كونَّه غير …
صناعةُ الرَّعَاع: اللغةُ وجسدِ الثقافة(2)
24 أبريل 2020 دراسات وأبحاث, عامة, مفاهيم 0

سامي عبد العال سامي عبد العال هناك سؤالٌ مهم: كيف نفسر شيوعَ دلالة الرَّعَاع في الخطابات السائدة؟! فقد نقرأ بدائلها بكلمات تخاطب الجماهير والحشود، كلمات تُلصِق بهم فوضى الرغبات والغرائز واللاعقل، أي تزدريهم باعتبارهم أُناساً حمقى كما في الاعلام والسياسة والثقافة الدينية والحياة العامة. الحالة الأقرب إلى ذلك كانت مع …أكمل القراءة »
صناعةُ الرَّعَاع: اللغةُ وجسد الثقافة(1)
19 أبريل 2020 مجلات, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال ” عندما يَشْرع الرَّعاعُ في التفكير يتلفُ كلُّ شيءٍ” …. فولتير الساسةُ مثل القُرود إنْ اختلفوا أفسدوا الزرع وإنْ اتفقوا أكلوا المحصول”” الرَّعاع صناعة لمجتمعات تنهش إنسانية الإنسان وتحتسي نَخْبَ الإقصاء” ” تأسيس يبدو أنَّ حدود عالمنا هي حدودُ الكلمات التي نتعامل معها، ولا …أكمل القراءة »
ماذا لو تساءلَّت الفلسفةُ حول المرضِ؟
15 أبريل 2020 عامة, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال بقلم سامي عبد العال لو افتراضاً أنَّ فيلسوفاً يتساءل عن الأمراض(الأوبئة، العلَّل الجسمية)، فالاستفهام بصدد أوضاعنا الصحيةِ سؤالٌّ جديدٌ في دائرة الفلسفة:( كيف أنتَ صحيَّاً؟ هل تعاني من علةٍ ما؟ ولماذا أنت مريضٌ؟ هل أصابتك الأوبئةُ؟). ورغم أنَّ الاسئلة خاصة إلاَّ أنها تمس ما هو عمومي في …أكمل القراءة »
وَجْهُ العالمِ خلْف كمامات
3 أبريل 2020 دراسات وأبحاث, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال الكمامة هي العنوان الطارئ للتعبير عن الوقاية، أي صد العدوى والخطر، وإشارة إلى الخوف منهما. لكنها أيضاً قد تكون عنواناً لما يحدد العلاقة بكلِّ ما هو قادم. اعلانٌ عن حالةٍ ليس مقصوداً بها أيَّ شخصٍ بذاته ولو كان مريضاً. لأنَّها تُمثل موقفاً مفرَّغَاً من …أكمل القراءة »
الفيرُوسات وإدارة الحياة
22 مارس 2020 أخرى, مقالات, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال يعدُّ تاريخ الفيروسات جديراً بالبحث والتقصي، ولا سيما أنَّه قد أحدَثَ تحولاً في مسارات الحياة سلباً وإيجاباً نحو الأزمنة الراهنة. ويَجْدُر أنْ يُطْرح تاريخُها الكونِي مرتبطاً بقضايا فلسفية وثقافية تخص الحقيقة وتنوع الرؤى البيولوجية للعالم والكائنات. إذ هناك علاقة ضرورية بين انتشار الفيروسات ومفاهيم …أكمل القراءة »
موت سقراط: هكذا يتكلَّم الفنُّ
4 مارس 2020 فلاسفة, مجلات, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال تعدُّ لوحة “موت سقراط” للرسام الفرنسي جاك لويس دافيد Jacques David [1] توثيقاً لهذه الحادثة بصيغة فلسفية فنيَّة متأخرة. تترك الألوان والشخوص تقول تشكيلياً ماذا جرى. ليس يجدي التذكر ولا اعادة القراءة حول تناول فيلسوف اليونان لجرعات السم، لأن الكلام الصامت، جدل العلامات، …أكمل القراءة »
لِمَنْ تُقْرَع أجْرَاسُ الفلسفةِ؟!
9 ديسمبر 2019 أخرى, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال في يومِها العالمي مع كلِّ عامٍ، ربما يبزغُ السؤالُ التالي: هل تحتفل الفلسفة بنفسها؟! ومن ذا الذي بإمكانه حضور الاحتفال؟ وكيف سيتم الاحتفال؟!… الفلسفة بخلاف أي نشاط عقلي لا تحتفل بذاتها( أو هكذا يتم). لا تحتفل كعجُوزٍ بلهاء( أمُ العلوم قديماً ) تُطلق …أكمل القراءة »
” ببجي الخِلافة ” في عصر ما بعد الحداثة
7 نوفمبر 2019 عامة, مفاهيم, نصوص 0

سامي عبد العال سامي عبد العال يبدو أنَّ عصر الوسائط الديجيتال هو الواقع الطاغي بلا منازعٍ. إذ تتضاعف دلالة الأحداث بصورةٍ مذهلةٍ، وتتعلق إفرازاتُّها بالذاكرة وبالعيون التي تشاهد. وسيكون القولُّ الفلسفي لما بعد الحداثة ليس تنظيراً ميتافيزيقياً بقدر ما يلتقِّط أفكاره المحتملة من عالمنا الراهن. وقد نوَّه جان بودريار …أكمل القراءة »
غير القابل للاحتمال: في عداء الشعوب!!
27 أكتوبر 2019 مجلات, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال سامي عبد العال بأيِّ معنى تصنعُ الشعوبُ اعداءها، وهل استجابتها للعداء واحدةٌ أم أنَّ هناك اختلافاً؟! هل ثمة عداء عام بالصدفة دون قصدٍ، وما خطورة أنْ تعادي قوةٌ ما ( كالدولة التركية مؤخراً ) شعباً ضارباً في التاريخ( مثل الكُّرد )؟! وداخل تلك الدائرة: هل الصُور المتبادَّلة …أكمل القراءة »
المَرْحُوم: ماذا لو اصبحت الثقافة قبْراً؟!

سامي عبد العال سامي عبد العال ” عندما لا ندري ما هي الحياة، كيف يمكننا معرفة ما هو الموت”…( كونفوشيوس) ” الشجاعة تقودُ إلى النجوم… والخوف يقودُ إلى الموتِ”… ( لوكيوس سينيكا) ” المرْحُوم” كلمة تُطلق على منْ ماتَ، أي انتهى أَجلُّه وأَفِلَّتْ حياتُه. وهي ” …
ظاهرةُ الأسئلةِ الزائفة

سامي عبد العال سامي عبد العال لا تسقط الأسئلةُ من السماءِ ولا تنبتُ من الأرضِ، لأنَّها نشاط إنساني يثير قضايا فكرية خطيرة. الخطورة من زاوية كشف أبنية الثقافة ولماذا تتفاعل مع حركة التاريخ. لأنَّ كل ثقافة تلقي برواسبها على ضفاف المجتمعات كالنهر الذي تكتنفه تيارات شتى. والثقافة الإنسانية دوماً …أكمل القراءة »
السُلْطة وأُنطولوجيا الجسد
1 أغسطس 2019 أخرى, بصغة المؤنث, مفاهيم 0

سامي عبد العال سامي عبد العال على مستوى الوجودِ،لم يختفِ الصراعُ بين الجسد والسلطة رغم اتفاقهما في كثيرٍ من الوجُوه. كلاهما يتعلق بأفكارٍ مثل:( الوسيط، التحول، السر، العلامة، الذاكرة، الفعل، الوشم، الرمز، الصورة، الشعار، السريان، الشبح، الظل )، وكلاهما يزاحِم الآخر داخل ثقافةٍ تحدد إلى أي مدى سيمارس أدواره. …أكمل القراءة »
الدين والعلمانية: القطة … سوداء أم بيضاء؟!
14 يوليو 2019 أخرى, دراسات وأبحاث, مفاهيم, نصوص 0

سامي عبد العال سامي عبد العال مُجدَّداً في سياق السياسة، تبدو ثنائيةُ الدين والعلمانية ثنائيةً مُراوغةً.. زلِّقةً. حتى أنك إذا امسكت أحد طرفيها، التف الطرف الآخر مُخلِّفاً وراءه ثُقباً أسود، يبتلع الدلالات الثريةَ لأي تفكيرٍ مختلفٍ. ثم يقذفك عبر فضاءات مجهولة عائداً إلى ذاته مرةً أخرى. كأننا إذْ نناقش …أكمل القراءة »
قداسةٌ دون مقدسٍ
29 يونيو 2019 أخرى, دراسات وأبحاث, مفاهيم 0

سامي عبد العال – مصر سامي عبد العال – مصر ماذا يعني الدينُ في المجال العام؟! هل يعني توظيفه على نطاق أعم أم تأسيساً لقيم أخرى؟ سؤال لن يجد اجابةً واضحةً إلاَّ بفض الاشتباك الغامض بين طرفيه. لأنَّ المعنى لا يتعين فيما هو معروف ولا يعطينا وضعاً جاهزاً لأية …أكمل القراءة »
المجدُ للأرانب: إشارات الإغراء بين الثقافة العربية والإرهاب!!
19 يونيو 2019 أخرى, عامة, نصوص 0

وسط كرنفال القتل باسم الدّين تحت رايات الجهاد، وفي حمأة الدَّمار بمقولاته الفاضحة، يصعُب أحياناً كشف الواقع دون إيهام فنيٍّ. لقد غدا الجهادُ نوعاً من الاستربتيز(التعرِّي)الدَّمويّ(1)bloodily striptease إزاء مجتمعات أرهقتها الحياة برواسبها التَّاريخيَّة. وربَّما لو تمثلنا دلالة أيقونة الأرانب لتجنبنا مصيرًا يُحْدق بنا من بعيدٍ مثلما تُساق الحيوانات الوديعة إلى المذابح.أكمل القراءة »
أسئلةُ الأطفالِ: شغفٌ فلسفيٌّ
11 مايو 2019 الفلسفة للأطفال, بصغة المؤنث, مقالات 0

سامي عبد العال حصري كوة حين يتساءل الأطفالُ لا ينتجون معرفة، لكنهم يضعون ما نعرفه قيدَ الانكشاف والمفاجأة. هم كائنات انسانية مُذهلةٌ، بالغةُ الإحساسِ، دائمةُ الشغفِ. فالمواقف تُظهر الطفلَ موجوداً مختلفاً وإنْ كُنتَ أباه. وربما يأخذك إلى المراجعة الجذرية لما تعتنق من أفكارٍ. أنتَ عندئذ لستَ إلاَّ ” لاصقاً ثقافياً …أكمل القراءة »
دواعِش الفلسفة
28 أبريل 2019 ديداكتيك الفلسفة, عامة, مقالات 0

سامي عبد العال من الجذر اللغوي” دَعِشَ ” تأتيمفردات: الدَاعِشيَّة، الاسْتدْعَاش، التَّدَعُش، المُتدَعِش، المُسْتَّدعِش، الدَاعِش، الداعُوش، الدَعْدُوش، الدَعْيِدش، التَّدْعِيْش، الدَّعْشنَّة، التَّداعُش، التدعُش، أي دَعِش دعْشاً فهو داعش… وجميعها ليست حُروفاً تتناوب الترتيب، بل تقف على أرضيةٍ واسعةٍ من الثقافة التي تشكل الأفكار ورؤى الحياة. ناهيك عن الإشارةِ إلى تنظيم داعش …أكمل القراءة »
في مفهوم ” المُفكِّر العَابِر للثَّقَافات “
21 مارس 2019 جرائد, مفاهيم, نصوص 0

العبور والحدود… كلمتان متلازمتان من زاوية التضمِين الدلالي لإحديهما إزاء الأخرى. فالحد يفترض عبوراً لوضعةٍ ما متقاطعاً معها، بينما يطرح العبورُ شكلاً من أشكال الحدود. ودوماً لن يكون ثمة عبورٌ ما لم يكن ثمة حدٌ قابلٌّ للتخطي. الأمر نفسه أكثر دلالةً بصدد الثقافة، إذ تمثلُ كلمتا الحدود والعبور قدرتين على التجاوز وقطع المسافات والترحال نحو ما ليس معروفاً.أكمل القراءة »
حفريات المواطنة: استعارات الهويَّة في الخطاب السياسي (2)
9 فبراير 2019 أخرى, دراسات وأبحاث 0

الهوية، مواطنة الاستعارة سامي عبد العال رابط الجزء الأول من الدراسة في وجود التزاوج بين البعدين: المفهومي والاستعاري، اللذين يتداخلان عبر المواطنة، يبزغ ما هو” سياسي ” political باعتباره ردماً للهوة بينهما. ألم يمارس السياسيون الأفعال والمواقف بصيغة ” كان ” المستقبلية، مثلما أظهرت؟! أي أنَّ العبارات تحمل شيئاً …أكمل القراءة »
طَّواحِينُ الأوهام: حين تَضْرِبُ رأسَك بجدار العالم
19 ديسمبر 2018 مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال – مصر في غياب النقدِ الجذري، يتلاعب الوهمُ بالفكر كما تتلاعب الرياح بأشرعة السُفن. ويتسلل إلى فضاء العقل من باب خلفي نتيجة الإيمان الساذج بلا رويةٍ. لذلك يتطلب الوعيُ قدرةً يقظةً على التساؤل وغربلة المعتقدات. أقرب الأمثلة إلى ذلك: أوهام الأيديولوجيات الدينية ( كما لدى الإخوان والسفليين
سياساتُ الجمالِ: هل يمكن الثأرُ بالفنِّ؟
8 ديسمبر 2018 مجلات, مفاهيم, مقالات 0

سامي عبد العال ذات لوحةٍ قال سلفادور دالي: ” كلُّ ضربةٍ لفرشاة الفنان ناتجةٌ عن معايشةِ مأساةٍ يُعانيها “. كأنَّه يُذيب تجلط الآلام بالتقاط المستحيل باعثاً فينا روحاً جميلاً. ينطبق القولُّ على الفن المغموس في ظلام المآسي التي تكابدها الشعوب مع انكسار الأحلام الكبرى، كحال إحباط الشعوب العربية بعد …أكمل القراءة »
اليوم العالمي للفلسفة: أين نحن؟!
18 نوفمبر 2018 تغطية, مساهمات 0

سامي عبد العال – مصر لا يجسد العنوان احتفاءَ العالم بإبداع مهم فقط، لكنه يترك تساؤلاً إزاء الموقف الضمني منه: أين نحن العرب تجاه ما يجري على صعيد التفلسف؟ هل من مواقف جديدة نخترعها لحياتنا البشرية النوعية؟ كيف نستطيع استشكال فكرنا بإيقاع فلسفي يصلح لمعايشة آخرية قصوى ومفتوحة؟ وسؤال الصلاحية …أكمل القراءة »
شيطَّانُ الديمقراطيةِ: هذه هي السياسة !!

سامي عبد العال – كلية الآداب / جامعة الزقازيق- مصر يبدو أنَّ للديمقراطية وجهاً آخر كوجه الشبح، وهو” الأثر المقلُوب ” الذي يجعلها مصدراً لرعب البعض من الحرية. فالحرية ضمن المجال العام تشكل مصدراً لقلق دائم، لدرجة أنَّ تجنُبها( إنْ لم يكن للأنا فللآخر) هو القاسم المشترك بين التيارات السياسية في …أكمل القراءة »
حول استعادة ” الله ” من الجماعات الإرهابية
16 أكتوبر 2018 مساهمات, نصوص 0

سامي عبد العال ربما لم تُوجد كلمةٌ أُرْيقت بدلالتها الدماءُ مثلما أُريقت تحت كلمة الله. ففي كلِّ مرةٍ يقتل إرهابيٌ شخصاً آخرَ، لا يكون مقصودُها واحداً بين الاثنين. على الأقل يزعم الإرهابيُ كون القتيل قد تخطى رقعة الإيمان( المرتّد ) أو لم يؤمن ابتداءً( الكافر). كما أنَّ دلالة الكلمة بمُراد …أكمل القراءة »
أين تكْمُن قوةُ المجالِ العامِ ؟
3 أكتوبر 2018 مساهمات, مفاهيم 0

سامي عبد العال كلية الآداب / جامعة الزقازيق- مصر هناك فارق حَذِر بين القوة والسلطة رغم إحلال الكلمتين أحياناً في اللفظ نفسه: power . إذ تنطوي القوة على أبعاد ماديةٍ وأخرى رمزية تمنحُ وجودَّها معنى بعيداً. وهي أيضاً القدرةُ على بث فاعليتها الخفية عبر نفوذها المقبول داخل المجتمعات مثل القوة …أكمل القراءة »
الأصُوليَّة… والوصُوليَّة: حين يُغْيَّب المجال العام

سامي عبد العال كلية الآداب / جامعة الزقازيق- مصر في المجتمعات الأقل ديمقراطيةً وإزاء فشل” الاستعمال العمومي للعقل ” لو أوردنا كلمات كانط، ثمة أسئلةٌ مزعجةٌ: هل يُغيَّب المجال العام على غرار وصفنا الاعتيادي لأي شيء آخر؟! أليس المجالُ العام Public sphereعمليةً تاريخيةً تستوعب طاقات المجتمع وبالتالي يبقى فضاءً مفتوحاً …أكمل القراءة »
المُقدَّس والسياسة: عن أحداث 11 سبتمبر

سامي عبد العال كلية الآداب / جامعة الزقازيق- مصر مع كل إشارة إلى الذكرى السنوية للأحداث الإرهابية( تفجيرات 11 سبتمبر2001 )، لا تذهب آثارُها طيَّ النسيان. لكنها تظل باقية كأصداء ورواسب تسهم – فكرياً وثقافياً – في تأويل الأفعال والتداعيات السياسية على نطاق عام[1]. وربما تحددُ المواقف ودرجات الفعل ورد …أكمل القراءة »
صيدُ الفراشات: دولةُ الخلافةِ والنِّساء

سامي عبد العال كلية الآداب / جامعة الزقازيق- مصر هناك سمةٌ مشتركةٌ في خطابات الإسلاميين المتطرفين: كونَّها كلاماً ينحدر بأهدافها من أعلى إلى أسفل حيث ضجيج التفاصيل، وحيث إيراد المبررات الواهية فيما ينحدر إليه تداول الخطاب من أهدافٍ. ذلك بسرعة خاطفةٍ تُجاري سرعةَ الضوء بلا إنذار، كما أن تعقد