
أكرم موناستيري
أستاذ أول مميز في الفلسفة وكاهية مدير المرصد الوطني للتربية – تونس
1 – أن تكون إنسانا اليوم في زمن الكورونا، هذا المسافر بين البلدان وطيّ الأجساد، بلا هويّة أو جواز سفر.. هو أن تؤمن بانتصار الأمل ووهج الإرادة..
2- “تَكَمَّمْ، حتّى أراك..”
3 – أزمة فيروس كورونا أيقظت مشاعر الخوف من الموت.. الفكرة المتكررة للوباء وشبح “نهاية العالم”، مثل أي كارثة، أنه يكشف بالفعل عن الطبيعة البشرية، وصفاتها، عيوبها وهشاشتها، والحال أنّ الموت هو أكثر الممكنات الإنسانية في الحياة.. كن شريفا، نبيلا ومكافحا من أجل حياة أفضل.. ولا تبالي بالموت.. كن طيّب الأثر.. وعلى رأي حكمة الأجداد: “لا يموت أحد ناقص عمر..”
4- “حول كارثة كوفيد 19” “الناس سيجدون طريقهم وسيعثرون على وسائل أخرى للاستمرار وتوسيع الأنشطة وتعميقها وترميم انكساراتها ولملمة جروحها، ليبنوا عالماً جديداً قابلاً للعيش فيه. يكفي أن نمتلك الإرادة والعزم والتصميم.. يكفي ألا نفقد الأمل”. هكذا يقول “نعوم تشومسكي.
وأقول من يرى في كوفيد-19 كارثة، فإنّه لا يدرك ما يمكن فعله بالأمل! ممكنات الحياة أقوى وأكبر من كل وباء.. والوباء الحقيقي هو في الغباء أو في فتور الإرادة والأمل..
5 – من السّيادة البربريّة على الطبيعة وامتلاكها، إلى منوال الضّيافة الكونيّة في العالم. هذا هو المعنى الذي ينبغي بلوغه ما-بعد الكورونا. ودونه، فنحن نسير نحو الهاوية.. الكورونا ورشة كبرى للمعنى..
6- على رأي سعيد ناشيد أن ليست الخيبة ألاّ نحقق للمعركة أهدافها، بل الخيبة ألا تحقق لنا المعركة نموّنا المطلوب.. فإنّه من التراجيديّ أن نبقى بعد الأزمة صغارا..
7- يبدو أن الدعوة التي وجّهها الفيلسوف الألماني، بيتر سلوتردايك، في العام 2010، باتت ضرورية الآن. إذ أنّه، وخلال إحدى المقابلات معه، دعا إلى الفصل بين عيشنا وتفكيرنا، إلى الفصل بينهما بالانطلاق من مؤشر متعلّق بالطاقة، بتصريفها، أو باقتصادها على العموم: علينا “العيش بحرارة والتفكير ببرودة”.
8 – واقعتان في أحداث رواية الكرنك لنجيب محفوظ، ترسمان بعض ما يجري في واقعنا الحالي: الأولى: حديث خالد صفوان -ضابط المخابرات- محاولًا تبرئة ساحته من تعذيب الثّوريين:”كلّنا مجرمون وكلّنا ضحايا، من لم يفهم ذلك فلن يفهم شيئًا على الإطلاق..”
والواقعة الثانية هي حديث الرّاوي مع زينب -أحد أبطال الرّواية- بعد اختفاء طويل وراء ستار الاعتقالات، إذ سألها: “هل نيأس يا زينب؟
-كلاّ، إنها فترة كالوباء ثم تتجدّد بعدها الحياة..”
9- إشارة.. على ذات المبدأ قبل كورونا.. أثناءها ومابعدها..
الحقّ في الحُلم بعالم أفضل ممكن، هو أهمّ حقّ من حقوق الإنسان. وهو حقّ لم يرد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الثلاثين، ولا يوجد ضمن لوائح الحقوقيّين أو دعاة الانتصار إلى المستقبل. ومع ذلك، فهو الحقّ الذي يروي كلّ تعطّش إلى تلبية الحقوق الإنسانية الأخرى كلّها..
إنّ كلّ ما يجري بعالمنا الموبوء اليوم يؤكد حاجتنا جميعا إلى بناء مقاربة جديدة في علاقتنا بالمستقبل، تستند إلى الحُلم وتهتدي به أمام ضيق المقاربات البراغماتية اللّعينة ووهن الشعارات التبريرية الزّائفة..
نحن لا نستطيع أن نتخيّل العالم الذي سيكون في المستقبل، ولكنّنا نستطيع- وهو حقّنا- أن نحلم بالعالم الذي نرغب أن نعيش فيه..
كونوا للحقّ في الحلم بعالم أفضل دروعا..
واعملوا لنصرته ما استطعتم إليه سبيلا..