بقلم: هناء السعيد

محاورات.. تحقيق صحفي يجمع الماضي والحاضر ، فليس كل ماضي يمضي طالما تاريخ الوجع والشقاء الإنساني لا يزال يعيد نفسه.
لا اراك متشائم ولا سوداوي ، احيانا استخدام التفكير الأسود يصف الكثير من الأمور بعيداً عن زخرفها
معك وفي ضيافتك يا ” أميل سيوران ” و مع شذراتك الصاعقة ..
سألتك يا فيلسوف افلت من الإنتحار بالحيلة..
ما رأيك في إنسان هذا الزمان ؟؟
– لم نعد راغبين في تحمل تبعات الحقائق ، ولا في أن نكون ضحاياها أو شركائها ، نحلم فقط بعالم نموت فيه من أجل فاصلة.
ومتي بدأ الفكر ؟
– تحديداً يا باحثتي.. تاريخ الفكر هو تاريخ ضغينة اللائذين بالعزلة .
وماذا عن تقليدنا وتقديسنا الأعمي لهم ؟
– آه من التقديس.. ما كنا لنعتنق الأفكار بكل هذه السذاجة لولا نسياننا أنها وليدة (حيوانات ثديية ) .
وعن زيادة اللاجئين علي الأرض بتنوعاتهم ؟!
– عصرنا موسوم برومانسية معدومي الجنسية .
إذا تنصحنا بتعلم أي المهارات ؟!
– لا يحاولن أحد الحياة إذا لم يتشبع بأداب الضحية.
قيل : ينتحر المتشائمون ؟!
– بالعكس وأعلم اتفاقك معي .. لا ينتحر إلا المتفائلون ، الذين لم يعودوا قادرين علي الإستمرار في التفاؤل ، أما الآخرون فلماذا يكون لهم مبرر للموت وهم لا يملكون مبرراً للحياة!!!
كيف هزمت “الإنتحار” وقد كان هاجسك..وهاجسي ؟!
– يا صديقتي.. أليس من عدم اللياقة مغادرة عالم وضع نفسه بهذا الحماس في خدمة أحزاننا !!
يا صديقتي.. توجد لذة في مقاومة غواية الإنتحار ، اكتبي عنه تتجاوزيه ، أقبلي التعايش مع فكرة “اللاجدوي” حتي لا تسقطي فيه ، اجعليه مصدر إنعاشك وإلهامك.
وماذا عن الله ؟!
– ليس الله من يتمتع بميزة الحضور في كل مكان ، بل الألم.
والدين هل بإمكانه انتزاعنا من البؤس ؟!
– اضحكتني يا صديقة.. فأي عزاء يقدمه الدين لمؤمن خيب ظنه الله أو الشيطان!!
تحب الموسيقي.. أعلم ذلك .
– يا محاورتي.. الموسيقي هي ملجأ الأرواح التي جرحتها السعادة.
كنت ضد حادثة خلق البشر.. حدثني عن موقفك منه ؟!
– سؤالك لئيم .. الخلق يا صديقتي أول ممارسة لفعل التخريب ، و أقسم أنه لو كانت لنوح القدرة علي قراءة الغيب ، لثقب فلكه دون شك.
هل تسامح ؟!
– أوجعني هذا ، فأنا لن أفلح في التصالح مع الأشياء حتي وإن انتزعت كل لحظة نفسها من الزمن لتمنحني قبلة . . وأنتي مثلي لم ولن تفلحي فلم هذا السؤال!!
ولونك المفضل يا صديقي ؟
– ستتأكدين يوماً يا صغيرتي أن المياه كلها بلون الغرق.
كيف تتكيف من أيامك بعد كل هذا الحزن ؟!!
– شيء بسيط لكنه قاسي صديقتي ، أغير اليأس كما أغير القميص..
لقد افلحت في البقاء حياً كما ترين، علي الرغم من ليال عشتها أسأل إن كنت ساقتل نفسي عند الفجر ؟؟
وكذلك أنتي حتي الآن ، خبريني عندما نلتقي يوماً آخر .
وتعدني بلقاء تبوح فيه عن خبايا أخرى ؟؟
– أعدك.. حتمًا سنلتقي.
إذا استودعك سطوري ، وذاتي التي لن تعود كما كانت قبل جلستنا التاريخية.. شكراً ” سيوران “