الشدرة 3 ج
الفصل الثاني: مسألة الحرب
أ- الحرب الشاملة
(الحلقة الأولى)
عندما سقطت القنابل الذرية الأولى
هيروشيما، مما وفر نهاية سريعة وغير متوقعة للحرب العالمية الثانية، اجتاح العالم الخوف. نحن لا نفعل ذلك
ولم نستطع حينها أن نعرف حجم هذا الخوف المبرر. لأن هذه القنبلة التي دمرت مدينة على سطح الأرض التي تجسدت في دقائق معدودة، بينما في السابق كان يتطلب هجوما جويا واسع النطاق وممنهجا أسابيع، أو حتى أشهر.
إن إدارة الحرب يمكن مرة أخرى، كما في
العصور القديمة، أن لا تهلك الشعوب التي ضربتها فحسب،ولكن أن تقوم بتحويل العالم الذي سكنوه إلى صحراء، يعرف المتخصصون ذلك منذ تفجير كوفنتري( Coventry) بل والعالم أجمع منذ التفجيرات الواسعة النطاق على المدن الألمانية. وكانت ألمانيا بالفعل ميدان الخراب، عاصمة البلاد كومة من الأنقاض و القنبلة الذرية كما عرفناها منذ الحرب العالمية الثانية، رغم أنها مثلت بعض
الشيء جديدا جذريا في تاريخ العلم،
لا يشكل أي شيء آخر – في سياق سلوك
الحرب الحديثة، وبالتالي في مجال
الشؤون الإنسانية أو بشكل أدق الشؤون التي تدار بين البشر، وهو المجال الذي تتناوله السياسة حيث يصل النقطة القصوى لما يمكن قوله، مع قفزة وصلت، إذا جاز التعبير، ، أو الدائرة القصيرة الذي كان مسار الأحداث يتجه نحوها في تسارع متزايد على نحو محموم.
علاوة على ذلك، فإن تدمير العالم وإبادة
حياة الإنسان من خلال أدوات العنف ليست كذلك جديدة أو مخيفة، وأولئك الذين كانوا دائما يعتقدون أن مجرد إدانة العنف البسيطة ستؤدي في نهاية المطاف إلى إدانة السياسة بشكل عام لم
يصيبوا حقا إلا خلال السنوات القليلة الماضية، وبالتحديد منذ اكتشاف القنبلة الهيدروجينية.
بتدمير العالم، نحن لا ندمر أي شيء آخر غير ما تم إنتاجه بواسطة يد الإنسان، و العنف الذي ينطوي عليه هذا التدمير يتطابق تماما مع العنف الذي هو بطبيعته غير مشروط في جميع عمليات
الإنتاج البشري. أدوات العنف اللازمة للتدميريتم إنشاءها، إذا جاز التعبير، على صورةأدوات الإنتاج و تشمل كل من الترسانة التقنية لكل العصر كلاهما بنفس الطريقة. ما ينتجه الانسان ، ويمكنه أيضًا تدميره، وبالمقابل، ما يدمره يمكنه إعادة بنائه مرة أخرى.
إن القدرة على التدمير والقدرة على الإنتاج متوازنة. القوة التي تدمر العالم وتجبره على العنف هي دائمًا نفس القوة من أيدينا التي أساءت للطبيعة و دمرت شيئًا طبيعيًا – على سبيل المثال شجرة ليستخرج منها خشبا ويبني شيء مصنوع من الخشب – لبناء العالم.ترجمة حسن الصعيب
