COUUA

الراسمالية والحرية

خلاصة كتاب: “الرأسمالية والحرية”
تأليف: ميلتون فريدمان – حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1976
ترجمة مروة عبد الفتاح شحاتة
مراجعة حسين التلاوي
الناشر : مؤسسة هنداوي
تاريخ النشر : 2011
نُشر لأول مرة بالانجليزية عام 1962 – Capitalism and Freedom by Milton Friedman

الفكرة الرئيسية
كتاب الرأسمالية والحرية لميلتون فريدمان، المنشور عام 1962، هو عمل تأسيسي في الاقتصاد الليبرالي يدافع عن الرأسمالية السوقية الحرة كأساس للحرية الفردية والازدهار الاقتصادي. يجادل فريدمان بأن الحرية الاقتصادية هي شرط أساسي للحرية السياسية، وأن تدخل الحكومة يجب أن يكون محدودًا للغاية للسماح للأسواق الحرة بتنظيم الموارد بكفاءة عبر “اليد الخفية”. ينتقد السياسات الاشتراكية والتدخل الحكومي المفرط، مقدمًا مقترحات عملية لتقليص دور الدولة في مجالات مثل التعليم، الرعاية الاجتماعية، والتنظيم الاقتصادي.

المحاور الرئيسية

1-العلاقة بين الحرية الاقتصادية والسياسية :
يؤكد فريدمان أن الحرية الاقتصادية (القدرة على اتخاذ قرارات اقتصادية بحرية) هي شرط ضروري للحرية السياسية. بدون اقتصاد حر، تصبح الديمقراطية عرضة للقمع.يجادل بأن الأسواق الحرة تمنح الأفراد الاستقلال، بينما التخطيط المركزي يعزز السيطرة الحكومية.

2-دور الحكومة في المجتمع الحر :
يقترح فريدمان دورًا محدودًا للحكومة، مشابهًا لآدم سميث، يقتصر على حماية الأفراد من الإكراه، إنفاذ العقود، وتوفير السلع العامة الأساسية (مثل الدفاع).ينتقد التدخل الحكومي المفرط، مثل التنظيمات الاقتصادية والضرائب العالية، لأنها تقيد الحرية وتقلل الكفاءة.

3-اليد الخفية والسوق الحرة :
يدافع فريدمان عن مفهوم “اليد الخفية” (مستلهمًا من آدم سميث)، حيث تنظم الأسواق الحرة الموارد بكفاءة من خلال العرض والطلب.
يركز على أهمية السيطرة على العرض النقدي لمنع التضخم، ويقترح قاعدة نقدية (زيادة ثابتة في العرض النقدي) بدلاً من التدخل التقديري للبنوك المركزية.

4-نقد السياسات الاشتراكية :
ينتقد برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية (مثل الضمان الاجتماعي) لأنها تقلل من الحرية الفردية وتخلق تبعية.يقترح بدائل مثل ضريبة الدخل السلبية (negative income tax) لدعم الفقراء بطريقة أقل تدخلًا.

5-التعليم والقسائم التعليمية:
يعارض الاحتكار الحكومي للتعليم ويقترح نظام القسائم التعليمية (school vouchers)، حيث يحصل الآباء على قسائم لاختيار المدارس الخاصة، مما يعزز المنافسة والكفاءة.يرى أن التعليم الحكومي يحد من حرية الاختيار ويقلل من جودة التعليم.

6-التمييز والسوق :
يجادل فريدمان بأن الأسواق الحرة تقلل من التمييز العنصري أو الاجتماعي لأن المنافسة تعاقب الشركات التي تمارس التمييز (لأنها تفقد العملاء أو العمال).يعارض القوانين الحكومية التي تفرض المساواة، معتبرًا أنها تقيد الحرية الفردية.

7-الاحتكارات والتنظيم :
ينتقد الاحتكارات، سواء كانت حكومية أو خاصة، لأنها تقلل الكفاءة وترفع الأسعار.يعارض التنظيمات الحكومية التي تحمي الاحتكارات، ويدعو إلى تعزيز المنافسة.

8-السياسة النقدية :
يركز فريدمان على أهمية السياسة النقدية في استقرار الاقتصاد، مشيرًا إلى أن التضخم ناتج عن زيادة مفرطة في العرض النقدي.
يقترح قاعدة نقدية لضمان نمو مستقر في العرض النقدي بدلاً من التدخلات التقديرية.

9-التجارة الدولية :
يدعو إلى التجارة الحرة وسعر الصرف العائم، معتبرًا أن القيود الجمركية وتثبيت أسعار الصرف تعيق النمو الاقتصادي.
يرى أن التجارة الحرة تعزز الكفاءة وتفيد جميع الأطراف.

الاستقبال النقدي
يُعتبر الرأسمالية والحرية من أكثر الكتب تأثيرًا في الفكر الاقتصادي الليبرالي، حيث ألهم سياسات اقتصادية مثل إصلاحات ريغان وتاتشر في الثمانينيات. حصل الكتاب على تقييم 4.18/5 على Goodreads بناءً على حوالي 11,000 تقييم، مما يعكس شعبيته وتأثيره. أشاد الاقتصاديون الليبراليون بمقترحات فريدمان العملية، مثل القسائم التعليمية والضريبة السلبية، لكن تعرض لنقد من اقتصاديين مثل جون ماينارد كينز وأتباعه بسبب إهماله لفشل السوق (مثل عدم المساواة أو التلوث). يُنتقد الكتاب أحيانًا لتفاؤله المفرط بقدرة الأسواق على حل المشكلات الاجتماعية. يبقى مرجعًا أساسيًا في الاقتصاد والعلوم السياسية.

نبذة عن المؤلف
ميلتون فريدمان (1912-2006) هو اقتصادي أمريكي حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1976، وقائد مدرسة شيكاغو الاقتصادية. اشتهر بدفاعه عن الرأسمالية السوقية الحرة والسياسات النقدية. من أبرز أعماله الأخرى A Monetary History of the United States (1963) وسلسلة برامج Free to Choose (1980). أثرت أفكاره على السياسات الاقتصادية العالمية، خاصة في تعزيز السوق الحرة.

خلاصة نهائية
الرأسمالية والحرية لميلتون فريدمان، المنشور عام 1962، هو دفاع قوي عن الرأسمالية السوقية الحرة كأساس للحرية الفردية والازدهار. يركز الكتاب على الحرية الاقتصادية، “اليد الخفية”، وتقليص دور الحكومة في مجالات مثل التعليم، الرعاية الاجتماعية، والتنظيم. يقترح حلولًا مثل القسائم التعليمية والضريبة السلبية، مع نقد الاشتراكية والاحتكارات. يُنصح به للمهتمين بالاقتصاد الليبرالي والعلوم السياسية، رغم نقده لإهمال فشل السوق

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

هامش توضيح

مفهوم “اليد الخفية” ليس من ابتكار ميلتون فريدمان، بل هو من ابتكار آدم سميث (1776).
لكن فريدمان أعاد استخدامه وتطويره داخل النظرية النيوليبيرالية في القرن العشرين.

سنقوم بشرح المعنى عند آدم سميث، ثم كيف فهمه فريدمان واستعمله.

✦ أولاً: “اليد الخفية” عند آدم سميث

آدم سميث قال إن:

الإنسان عندما يسعى لمصلحته الخاصة، فإنه دون أن يقصد يساهم في فائدة المجتمع ككل.

مثال بسيط:

الخباز لا يخبز لأنه يحب الناس.

بل لأنه يريد ربحًا.

لكن نتيجة سعيه للربح يحصل المجتمع على الخبز.

هذه القوة غير المرئية التي تنظم التبادل بين البشر بدون تخطيط مركزي هي ما سماه سميث بـ “اليد الخفية”.

فكرتها الأساسية:

الناس يتصرفون وفق مصالحهم.

السوق ينسّق بين هذه المصالح تلقائيًا.

النتيجة: توازن اقتصادي طبيعي.

✦ ثانياً: كيف استخدم ميلتون فريدمان هذا المفهوم؟

فريدمان (أحد رواد النيوليبيرالية) قال إن:

اليد الخفية تعمل بأفضل صورة فقط عندما تكون الأسواق حرة ولا تتدخل الدولة في تحديد الأسعار أو الإنتاج.

بمعنى:

كلما تدخلت الدولة (دعم، تحديد أسعار، شركات حكومية)، ضعفت اليد الخفية.

وكلما ترك الناس يتبادلون بحرية، زاد النمو والابتكار.

لذلك فريدمان كان يدعو إلى:

الخصخصة

تحرير التجارة

الحد من الضرائب

تقليل دور الدولة في الاقتصاد

🧠 بعبارة مبسّطة

عند آدم سميث، كانت “اليد الخفية” مجرد وصف لكيفية تنظيم السوق بصورة طبيعية: كل فرد يسعى لمصلحته الشخصية، لكن النتيجة النهائية هي خدمة المجتمع ككل دون تخطيط مركزي. وكانت الأخلاق حاضرة في تصوره؛ أي أن السوق يعمل ضمن إطار أخلاقي واجتماعي.

أمّا عند ميلتون فريدمان، فقد تحوّل المفهوم إلى مبدأ سياسي اقتصادي: اليد الخفية لا تعمل كما يجب إلا إذا تراجع دور الدولة إلى الحد الأدنى. فريدمان يرى أن السوق نفسه قادر على تنظيم السلوك وتوزيع الموارد من خلال المنافسة الحرّة، وأن التوازن الاقتصادي لا يتحقق إلا إذا كانت الأسواق محررة بالكامل من تدخل الحكومات والقيود التنظيمية.

بمعنى آخر:

عند آدم سميث، السوق يميل بطبيعته إلى التوازن.

عند فريدمان، السوق يحتاج إلى الحرية المطلقة ليصل إلى هذا التوازن.

🎯 المغزى

فريدمان لم يخترع اليد الخفية، لكنه:

حوّلها من ملاحظة فلسفية إلى مبدأ سياسي اقتصادي يدعم الرأسمالية الليبرالية المتطرفة.

وجعلها الأساس في تبرير:

حرية السوق

تقليل الدولة

خصخصة الخدمات العامة

Exit mobile version