غير مصنف

الإحساس والمعرفة والوعي: كيف تصبح العقول واعية؟

كتاب :الإحساس والمعرفة والوعي ؛ كيف تصبح العقول واعية
تاليف : عالم الاعصاب البرتغالي أنطونيو داماسيو
ترجمة : دكتور امر شيخوني
مراجعة : دكتور عماد يحيى
تاريخ النشر: 31/08/2022
الناشر:الدار العربية للعلوم ناشرون
تاريخ النشر بالانجليزية 2021 Feeling & Knowing: Making Minds Conscious
by Antonio Damasio (Author)

الفكرة الرئيسية
الكتاب يستكشف طبيعة الوعي الإنساني من منظور عصبي وعاطفي. يجادل داماسيو بأن الوعي ينشأ من التفاعل بين العقل والجسم، حيث تلعب المشاعر والأحاسيس الجسدية دورًا أساسيًا في تكوين الإدراك الذاتي.
يقدم الكتاب تفسيرًا علميًا مبسطًا لكيفية ظهور الوعي، مع التركيز على أهمية الهوميوستاز (التوازن البيولوجي) والعواطف في هذه العملية.

الوعي ليس نتاج التفكير المجرّد أو اللغة، بل هو نتيجة تفاعل دينامي بين الدماغ والجسد، تتوسطه المشاعر (feelings) التي تعكس حالة الكائن الحي في سعيه إلى الهوْميوستاز (التوازن الحيوي).

الجسد يولّد إشارات حيوية تعبّر عن حالته (كالراحة، الألم، الجوع، الخوف).

الدماغ يترجم هذه الإشارات إلى مشاعر واعية — أي إلى “إحساس بالحياة”.

من هذا التفاعل ينشأ الإدراك الذاتي (self-awareness)، وهو اللبنة الأولى للوعي الإنساني.

الفصول الأساسية والمحاور الرئيسية

يبدأ داماسيو بتوضيح أن الحياة ظهرت قبل العقول بوقت طويل، وأن الوعي ليس خاصية غامضة للدماغ بل استمرار لوظائف بيولوجية أعمق.

الحياة هي مشروع للبقاء عبر التوازن الداخلي (Homeostasis).

الأحاسيس الأولى لم تكن عقلية بل جسدية: استجابات للبقاء، مثل الجوع والألم واللذة.

العصبونات والدماغ ظهرا لاحقًا كتطور لخدمة هذه الأحاسيس.

حتى الكائنات البسيطة، بل وحتى الفيروسات، تظهر “نُذر الحياة” دون وعي ذاتي بعد.

الفكرة المحورية: الشعور سابق على الفكر، والوعي نبتة نمت من جذور الحياة البدائية.

يفصل داماسيو بين الإدراك (sensing) والوعي (consciousness).

الكائن يمكن أن يستشعر (كما تفعل النباتات) دون أن يكون لديه عقل.

العقول تنشأ عندما تبدأ الكائنات في تمثيل نفسها والعالم ذهنياً.

الصور الذهنية (mental images) ليست صور بصرية فقط، بل أي شكل من الخرائط العصبية التي تمثل حالات الجسد والعالم.

العقول تُصنع عندما تتقاطع هذه التمثيلات مع الإحساس الذاتي بالجسد.

الفكرة المحورية: العقل هو جهاز تمثيل، والوعي هو إدراكنا لهذه التمثيلات من منظور ذاتي.

يعتبر داماسيو أن المشاعر (feelings) هي المرحلة المفصلية التي تربط بين الحياة والوعي.

أصلها في الوظائف التنظيمية للجسم (الجوع، الخوف، الرغبة، الراحة…).

الشعور هو “تقرير” حيّ عن حالة الجسد.

بفضل المشاعر، أصبح لدى الكائنات دافع باطني للبحث عن الاستقرار أو المتعة، مما أدى إلى ظهور الوعي.

في السياق الاجتماعي، تطورت المشاعر لتكون جسورًا للتواصل الأخلاقي والثقافي.

الفكرة المحورية: الشعور هو أقدم شكل للوعي، وهو الذي جعل الذكاء العاطفي والإنساني ممكنين.

هنا يقدم داماسيو نظريته الفلسفية والعصبية للوعي:

الوعي ليس وظيفة عليا للدماغ فحسب، بل نتاج تفاعل بين الدماغ والجسد.

إنه طريقة الكائن في معرفة أنه حي.

الوعي ليس الدماغ وحده، بل نظام متكامل يشمل الجسد، الدماغ، والعالم الخارجي.

يرفض التفسيرات التي ترى الوعي مجرد دمج لمعلومات (مثل نظريات “الدمج العصبي”)، ويرى أن الوعي يحتاج إلى إحساس الجسد الداخلي.

يميز بين:

الوعي الأساسي (Core Consciousness): الإحساس اللحظي بالذات.

الوعي الممتد (Extended Consciousness): الذاكرة، اللغة، الهوية الشخصية عبر الزمن.

الفكرة المحورية: لا يمكن صنع وعي صناعي حقيقي دون “جسد يشعر”، لأن الوعي يتأسس على الإحساس الحيّ بالوجود.

يختتم داماسيو بأن الوعي ليس لغزاً ميتافيزيقياً، بل تطور طبيعي منظم للحياة.

المشاعر هي “الحقيقة المفقودة” في دراسة العقل.

بدونها، لن يكون هناك معنى أو غاية للذكاء، حتى لو بلغ الذكاء الاصطناعي مستويات عليا.

ما يجعلنا بشراً ليس قدرتنا على التفكير فقط، بل قدرتنا على الإحساس بأننا نفكر ونعيش.

امتدح لربطه بين البيولوجيا والظواهر الواعية بطريقة غير اختزالية.

انتُقد أحياناً لأنه يظل تأملياً أكثر من تجريبي، ويصعب اختباره علمياً.

يُعد امتداداً لعمله السابق The Feeling of What Happens (1999)، لكنه أكثر تبسيطاً ووضوحاً.

المغزى الفكري
يريد داماسيو أن يُعيد الوعي إلى أرض الحياة، لا إلى الماورائيات.
العقل ليس آلة حسابية، بل نظام شعوري متجذر في الجسد.
الوعي، في جوهره، هو حضور الكائن في العالم من خلال الإحساس بذاته.

نبذة عن المؤلف
أنطونيو داماسيو (Antonio Damasio)
عالم أعصاب وفيلسوف برتغالي–أمريكي، من أبرز باحثي القرن الحادي والعشرين في دراسة الوعي والعاطفة واتخاذ القرار.

مدير Brain and Creativity Institute في جامعة جنوب كاليفورنيا.

من مؤلفاته البارزة:

كتاب Descartes’ Error (1994) – “خطأ ديكارت”

كتاب The Feeling of What Happens (1999)

كتاب Self Comes to Mind (2010)

كتاب Feeling & Knowing (2021)

الخلاصة النهائية
يرسم داماسيو في هذا الكتاب خريطة تطورية للوعي تبدأ من الخلية الحية وتنتهي بالعقل البشري.
فالمعرفة لا تولد من الفكر بل من الشعور بالحياة.
إنه مشروع لإعادة تعريف الوعي كـ”فن بيولوجي”، حيث تكون المشاعر هي اللغة الأصلية للعقل.

Related posts
ترجمةديداكتيك تدريس الفلسفةغير مصنففلسفة

أكسيل هونيث فيلسوف الاعتراف ونزع الحقارة كتب كوة

ترجمةديداكتيك تدريس الفلسفةغير مصنف

جاكلين روس: الأسس الفلسفية للمنهج

غير مصنففلسفة

الوعي الفلسفي

تربية وتعليمغير مصنف

جوبلين بحري بين الألم والأمل*

Sign up for our Newsletter and
stay informed