الفلسفة بصيغة المؤنثترجمةفلسفة

أين راند: فضيلة الانانية

فضيلة الأنانية: نحو مفهوم جديد للأنانية

  • تأليف: الفيلسوفة الأمريكية آين راند
  • ترجمة: حسان رابحي – محمد السويلمي

يرتكز كتاب «فضيلة الأنانية» على مشروع آين راند الفلسفي المعروف باسم “الموضوعية” (Objectivism)، الذي يرى أن الأخلاق لا تقوم على نكران الذات، بل على الاعتراف بالعقل والمصلحة الفردية بوصفهما معيارًا للخير.
تسعى راند إلى تحرير مفهوم الأنانية من دلالته السلبية التي رسّختها الأخلاقيات الدينية والجماعية، لتبرهن أن الأنانية العقلانية ليست أنانية متهوّرة، بل هي شكل من الاستقلال الأخلاقي الذي يجعل الإنسان يعيش وفق قيمه الخاصة، لا وفق أوامر خارجية أو ضغوط اجتماعية.

المحاور الرئيسية

  1. الأنانية والفضيلة: إعادة تعريف المفهوم

ترى راند أن الأخلاق التقليدية جعلت «الأنانية» مرادفًا للشر، و«الإيثار» مرادفًا للخير، لكن هذا الانقسام — في نظرها — زائف ومناف للطبيعة للإنسانية.
فـ«الأناني» الحقيقي هو من يعيش من أجل ذاته وفقًا للعقل.
الفضيلة الحقيقية تكمن في العيش وفق المبدأ العقلاني الذي يخدم حياتك كقيمة عليا.
تقول:

«الأنانية، بمعناها الصحيح، هي الإيمان بأن حياة الإنسان تخصّه هو، وأن الهدف الأخلاقي من حياته هو تحقيق سعادته.»

بهذا، تنقلب المعادلة الأخلاقية: الخير ليس في نكران الذات، بل في التمسك بها والدفاع عنها.

  1. الأخلاق الموضوعية والعقل كقيمة عليا

تعتبر راند أن العقل هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الواقع واتخاذ القرارات الأخلاقية.
ومن هنا، فكل سلوك أخلاقي حقيقي يجب أن يكون نتاجًا لاختيار حرّ عقلاني، لا بدافع العاطفة أو الامتثال الاجتماعي.
الإنسان، بحسبها، ليس كائنًا عاطفيًا في جوهره، بل كائن مفكّر يواجه الواقع بوعيه.
الأنانية الفضيلة هي إذن القدرة على استخدام العقل من أجل الحفاظ على الحياة وتحقيق القيم الخاصة.

  1. نقد الإيثار

الإيثار، في نظر راند، هو العقيدة الأخلاقية التي تمجّد نكران الذات في سبيل الآخرين، وهو ما تعتبره «أكبر شرّ أخلاقي»؛ لأنه يُفقد الإنسان احترامه لذاته.
الإيثار لا يمكن أن يكون أساسًا للأخلاق، لأنه يفترض أن خدمة الآخرين أهم من حياة الفرد نفسه.
تقول:

«الإيثار يعني أنك لا تملك الحق في الوجود من أجل نفسك، وأن خدمتك للآخرين هي المبرر الوحيد لوجودك.»

وبذلك، فإن الإيثار يسحق روح المبادرة والإبداع، ويؤدي إلى مجتمعات جماعية خانقة تُعادي الفرد الحرّ.

  1. الإنسان كغاية في ذاته

تؤكد راند أن الإنسان ليس وسيلة لأهداف الآخرين، بل غاية في ذاته.
لا ينبغي للفرد أن يعيش ليُرضي الجماعة، بل ليحقق ذاته.
وهذا المبدأ يشكّل أساس فلسفتها السياسية أيضًا، حيث تدافع عن الرأسمالية الحرّة بوصفها النظام الوحيد الذي يحترم حرية الفرد وحقّه في أن يعيش لنفسه.
في هذه الرؤية، تكون الأخلاق والسياسة والفلسفة مترابطة: من يرفض الإيثار في الأخلاق يرفض الشمولية في السياسة.

  1. القيم الأساسية في حياة الإنسان

تحدد راند ثلاث قيم أساسية تشكل جوهر الفضيلة:

  1. العقل (Reason): أداة الإنسان لمعرفة الواقع.
  2. الغاية (Purpose): توجيه الفعل نحو تحقيق سعادة الفرد.
  3. احترام الذات (Self-esteem): الشعور بالقيمة الشخصية والاستحقاق.

هذه القيم الثلاث لا تُفصل عن بعضها، إذ لا يمكن للإنسان أن يعيش حياة فضيلة من دون أن يعرف، ويهدف، ويحترم نفسه.

  1. الأخلاق والسياسة: من الفرد إلى المجتمع

تمدّ راند مبدأ الأنانية إلى المجال الاجتماعي، فتؤكد أن المجتمع السليم لا يقوم على الإيثار القسري، بل على التبادل الطوعي والمصلحة المشتركة.
ترفض الدولة التي تفرض الضرائب لتوزيع الثروة، وترى أن ذلك شكل من أشكال الإكراه الأخلاقية.
المجتمع المثالي عندها هو مجتمع الأفراد الأحرار الذين يتبادلون المنافع من دون أن ينكر أحدهم ذاته.

الخلاصة

يقدّم كتاب «فضيلة الأنانية» ثورة فكرية على المفاهيم الأخلاقية التقليدية.
فبينما ربطت الديانات والفلسفات القديمة الفضيلة بنكران الذات، تدعو راند إلى أخلاق جديدة أساسها احترام الذات والعقل والمصلحة الفردية.
لا تمجّد آين راند الأنانية بمعناها الأناني المبتذل، بل الأنانية العقلانية التي تحترم حرية الفرد وحقه في السعادة.
بذلك، تصبح «الأنانية» عند راند فضيلة إنسانية عليا، لأنها تحرر الإنسان من الشعور بالذنب ومن أخلاق الخضوع والتبعية.

Related posts
ترجمةفلسفة

سلمان رشدي: "الكلمات هي المُنتصر الوحيد"

الفلسفة بصيغة المؤنثترجمةديداكتيك تدريس الفلسفة

جوديث بتلر: ذات من الرغبة

الفلسفة بصيغة المؤنثفلسفة

اللامنتمي غربة الوعي وسؤال الانتماء

ترجمةفلسفة

الراسمالية والحرية

Sign up for our Newsletter and
stay informed